هلا حبايبي هذا روايه انا مالفتها اتمنى تنال اعجابكم
يلا نشوف الردود لحظات بين الأمل واليأس
.. ومن هنا تبدأ قصتي ....
كنت في بداية طفولتي أعيش في بيت متواضع، وبين جدة حنونة وأب عطوف يهتمان بي ويرعيانني ويحبانني من كل قلبيهما ، ولم تكن لدي أم فأمي توفيت بعد ولادتي بأيام قليلة بسبب معاناتها ببعض الأمراض .
فعلى الرغم من أنني فتاة وأي فتاة ؟!
فتاة تحب اللعب .. تحب السعادة .. تحب الفراشات.. تحب الزهور .. تحب المداعبة ..
كنت في بداية صغري كثيرة البكاء ، أبكي على كل شيء وأخاف من أي شيء أراه فتأتي إليّ جدتي وقد رسمت على وجهها بسمات غامضة وتقول لي : كفي عن البكاء يا أمل ستواجهك في حياتك مواقف أصعب من هذه وسيكون البكاء أقل شيء ستفعلينه في تلك المواقف فكوني قوية وصابرة لها يا طفلتي . كانت نصائح جدتي هي العنوان الرئيسي في كل ما أمر به وكان حنانها هو أول شيء تقدمه لي عند بكائي فكنت أغترف الحب والحنان من حضنها كلما أردت ذلك ، ولكني لم أفهم مقصودها من هذا الكلام ..!! ربما كانت شفتاها تهمس بذلك ولكني لم أفهم ما الذي كانت تلمح إليه أو تهدف إليه جدتي ولكن على الرغم من ذلك حرصت على عدم تفويتي لنصائح جدتي ، فكنت أحب أن أسترسل معها في الأحاديث وأحب أن أرمي بنفسي في حضنها الدافئ وأحظى بقبلة منها لأنها جدتي الحبيبة..
ولكن بعد فترة من الزمن فهمت واستوعبت ما الذي تقصده جدتي ، ففي يوم من الأيام قرر والدي القيام برحلة لحديقة الحيوانات التي لم أذهب إليها منذ أن كنت طفلة صغيرة ، فتشوقت إليها كثيرا وما إن دخلنا لتلك الحديقة وضع أبي لنا بساط على الأرض لنجلس عليه أما أنا فرفضت الجلوس وذهبت لأسير داخل الحديقة فرأيتها ما أجملها .. ما أروع ما بداخلها .. فسبحان المبدع .. سبحان الخالق .. سبحان من صور تلك الزرافة الطويلة .. سبحان من صور ذلك الطاووس .. سبحان من أبدع الجرأة في ذلك الأسد .. سبحان من رزق الجمال للهدهد .. سبحان من أوحى النطق للببغاء .. فسبحان المصور لتلك الحيوانات ، ورغم أني شاهدت كل ما وجد إلا أنني لم أشبع ناظريّ بعد .. فسبحان الخالق ...
انتهت الرحلة بخير .. تغمرنا السعادة .. تغمرنا الفرحة.. مع أنني كنت في قمة السعادة بسبب تلك الرحلة إلا أنه كان يتمالكني شعور غريب بداخلي .. شعور غير مريح لم أعرف من أين كان ينبع ولكن الذي كان يهمني هي تلك الرحلة الجميلة .. فركبنا السيارة واستمتعنا بحديث والدي وطرائفه .. ضحكت كثيرا عند سماعي لطرائفه فلم أضحك ولو لمرة في حياتي بالطريقة التي أضحك بها الآن ... وخلال دقائق معدودة اهتز كل شيء من تحتنا وسيارتنا تميل يمينا وشمالا .. وفجأة أغمي علي .. لم أشعر بشيء .. لم أشعر إلا بيد حانية تمسح على رأسي .. أيادي شابات .. نعم أيادي شابات جميلات يرتدين ملابس بيضاء .. إحداهن تقبلني والأخرى تنظر إلية نظرة ود وإشفاق ..
ظننت أني في حلم فأغمضت عيناي وفتحتهما مرة أخرى ولكني لست في حلم بل في الحقيقة ولكن من تلك الشابات اللاتي من حولي ، ولماذا أنا في هذا المكان . وفجأة وقع نظري على شخص يرتدي كنزة بيضاء وقال لي : الحمد لله على سلامتك يا طفلتي وأتمنى أن تساوي حياتك إنقاذها .. هيا لقد حان الوقت لتنهضي من فراشك وتذهبي لمنزلك .
بدأت علامات التعجب والاستغراب تظهر على وجهي ولم أفهم ما الذي كان يعنيه هذا الشخص بمنزلي ولماذا لا أرى والديّ حولي ولماذا أنا هنا ؟!
وبعد فترة قصيرة عرفت ما الذي يدور حولي وعرفت أني لن أرى والدي مرة أخرى فكانت تلك صدمة بالنسبة لي .. لقد فقدت أمي منذ صغري والآن سأفقد أبي وجدتي وأنا لم أشبع ناظري بهما ، لم أستطع تحمل الصدمة ورفضت الخروج من المستشفى ورفضت فعل أي شيء آخر غير البكاء .. فقد كان البكاء هو الشيء الوحيد لإخراج ما بداخلي و لإشفاء غليلي .
وبكلمات قليلة من الدكتور وافقت على مغادرة المستشفى برفقة ذلك الشخص المجهول الذي يُدعى بعمي .. فقد قال لي الدكتور بأني سوف أرى والديّ في الجنة ..!! لم أعلم ما هي الجنة ولكني مسحت دموعي بسرعة بعد أن سمعت حديث الدكتور . لم أذكر أنه في يوم من الأيام أخبرني والدي بوجود عم لي .. بلى لقد تذكرت لقد أخبرني والدي في يوم من الأيام بأنه كان له أخ يدعى بجابر وكانت بينهما مشاكل وحاول أبي مكالمته ونسيان الماضي ولكن عمي لم يرغب بذلك . ولكن لم يبقى لي سوى حل واحد فقط وهو المغادرة مع هذا الشخص الذي لا أعرف عنه أي شيء ..
ومن هنا بدأت المعاناة في حياتي فمنذ أول يوم ذهبت للسكن معه أحسست من نبرة صوته بأنه شخص قاسي ومتجبر ، وما إن مرت عدة أيام من إقامتي معه حتى بدأ يضربني بكل قسوة ويمنعني من الخروج من المنزل أو من تلك الغرفة التي أنا فيها بل لم أكن أنام في غرفة وإنما مخزن يضع فيه كل الأغراض التي لا يريدها ومنها أنا ابنة أخيه .. كان يمنعني من الدراسة ، يمنعني من أبني مستقبلي ، لقد حطمني .. كير طموحي .. أهدم برج أحلامي ..
كنت أتذوق حرارة يديه كل يوم لم أكن أستطع النوم لأن جسمي كان يتألم كل يوم وكانت آثار الضرب تظهر عليّ. ولم يكن يناديني باسمي الحقيقي وهو أمل بل كان يناديني باليتيمة .. بالخادمة ، لم أكن أعرف ما معنى كلمة "يتيمة" إلا أنني فهمت أنها كلمة لها معنى حزين فقد كان يقولها وهو يضحك بصوت عالٍ وعندما أسأله لماذا يعاملني بتلك المعاملة القاسية يقول لي : اسألي والدكِ .. لقد نسيت والدكِ في الجنة .. مسكينة يا يتيمة ..
كان يخرج تلك الكلمات من شفتيه بكل برود وكانت تلك الكلمات تدخل لقلبي كالسهم الخارق . كان يتعمد إحراجي ويتعمد أن يحزنني ويفرح إن رآني أبكي . كان يوقظني في الصباح بذلك السوط الذي يحمله في يديه وكان يخرج حزنه بضربي أنا ، كانت دموعي تنزلق من عيني ولا تجد من يمسحها ، كنت أجلس في منتصف الليل وأضع رأسي ويدي على ركبتاي وأسترسل في البكاء لوحدي ولم أجد من يسهر معي ويبكي معي سوى دميتي .. نعم دميتي ... هي من كانت الضحية التي أشكي لها همومي وأحزاني .. هي من كنت أمسح دموعي بيديها الجامدتين .. هي ملكة أفراحي .. موضع سري .. ومحط أحزاني .. عندما أمسك بيديها ترسل لي صوتا جميلا هادئا يقول لي .. ماما .. بابا .. ماما .. بابا ..
كانت تلك الدمية تذكرني بأمي وأبي اللذان فارقتهما منذ طفولتي ...
وبعد عيشي طوال تلك السنين المظلمة من اليأس والكآبة أتاني نور أتتني الفرحة التي هجرتني منذ سنين طويلة فجاءني خبر حلمت به من سنين طويلة وهاهو قد أتى فقبل يومان تقدم شخص لخطبتي .. لم أصدق الخبر فلم يكن لدي أي سيء يجذب الناس لي سوى الهموم والأحزان . في البداية تجاهلت هذا الخبر لأنني علمت بأن هذا الشخص سوف يرحل بعد أن يعرف بأنني فتاة غير متعلمة . ولكن بعد أيام قليلة توضح لي بأن هذا الشخص متعلق بي ويريدني أنا ، فلم يكن لي أي رأي فقد كان الرأي الأول والأخير لعمي لقد أجبرني عمي على الموافقة رغما عني مع أن هذا الشخص لم يطلب منه ذلك ولكني وافقت وطلب ذلك الشخص بأن أخرج معه لأتعرف عليه ، وبالفعل فبعد عدة أيام خرجت مع ذلك الشخص وكان ليس مثل ذلك الشخص الذي رسمت صورته في مخيلتي فقد كان شخصا هادئا انطوائيا لا يرغمني على أي شيء لا أريده ..
أخذ نفسا عميقا وأخرجه قبل أن يبدأ في حديثه فبدأ بإخباري قصة حياته كيف أمضاها ، كانت حياته مليئة بالأحزان مثل حياتي وهو الآن شاب متعلم يُدرس في إحدى المدارس الحكومية . أنهى حديثه بعد أن امتلأت عيناه بالدموع .. لم يكن بوسعي عمل أي شيء له سوى إخباره كيف قضيت حياتي لعل هذا الشيء يُخفف من حزنه قليلا فقطع حديثي قائلا : لو سمحتي يا آنسة ، كفي عن الحديث فأنا أعلم كل شيء في حياتك لهذا تقدمت لخطبتك لأني أريد أن أعيش مع إنسانة تعيش مثل همومي حتى تستطيع فهمي .
وهكذا توالت الأيام والأسابيع وحددنا موعد زواجنا ففرحت جدا لسماعي هذا الخبر الرائع فبعد تعرفي على هذا الشخص أصبحت لدي في الحياة طموح وأحلام ، لقد غير هذا الشخص مجرى حياتي جعلني أسقط دموع الفرح بدل دموع الحزن ، وعدني بأن لا يتركني وحيدة.. وعدني بأنني لن أرى سوى الأيام السعيدة .. ووعدني بكل شيء جميل في الحياة أخذت الفرحة تغمر قلبي من الداخل وأخيرا قررت الحياة أن تبتسم لوجه أمل .. "أمل" التي عاشت طوال عمرها من أجل هذا الاسم .
بعد أيام قليلة خرجت معه لشراء ثوب الزفاف لي وتجهيز كل ما يلزم لهذا الزواج . وفي أثناء عودتنا للمنزل أصابنا حادث مريع دفع بحياة خطيبي للموت تفاجأت لم أصدق الخبر .. أصبت بجنون .. بدأت أصرخ بشدة هل من المعقول الشخص الذي أحببته وتعلقت به يموت و يتركني وحيدة في الحياة أواجه عثراتها لوحدي مرة أخرى ، لا أصدق أن الشخص الذي علمني كل شيء جميل في الحياة ، يتوفى بعد أن أيقظ الشخص الميت بداخلي ، وعدني بأن يمسح دمعتي عندما أبكي .. وعدني بأن يستمع لي عند حزني فأين هو الآن ؟ أين؟ لقد وعدني بأن يقف بجانبي عند حزني ولكن أين هو ؟ أين ؟ هاهو يذهب الآن ليتركني جسد بلا قلب ، وقلب بلا أفراح ، وعيون بلا دموع فإلى من أبكي الآن ؟ إلى من؟ هل أبكي إلى أمي ولكن أين هي الآن ؟ أين ؟ هل أذهب إليها للقبر ؟ أم ألحق بها في الجنة ؟ من يجيبني على هذا السؤال ؟ هل أشتكي لدميتي المسكينة التي نسيتها في أفراحي وجئتها في أحزاني ؟ هل أشتكي لقلمي ؟ مسكين أيها القلم تعبت من كتابة همومي وأحزاني ، أم أشتكي لورقتي التي أُسقط دمعتي عليها قبل أن أكتب فيها ، فأي قلم يستطيع الكتابة على تلك الأوراق المشبعة بتلك الدموع الحزينة ، وأي قلم يستطيع الصمود في تلك اليد الدافئة التي كلما حاول الصمود فيها تساقطت عليه تلك الدموع الحزينة ، وأي .. وأي .. فجف قلمي ولم أجد نهاية لقصتي ...
لذلك قررت الانتحار .. لقد تعبت من تحمل الهموم والأحزان ولم يبقى لي شيء لأخسره لقد خسرت كل شيء جميل في الحياة ، ولم يبقى لي شيء لأخسره الآن سوى حياتي .. نعم حياتي لم يبقى لدي أي أمل يجعلني أتمسك في الحياة فقد عشت سنينا بين الأمل واليأس وهاهي تلك السنين تضيع في لحظات قليلة يقضي عليها الانتحار ، هل أبكي ؟ كلا وألف كلا فالبكاء لم يعد ينفع الآن إلى متى سأظل أبكي ؟!! إلى متى ؟؟ فغالبا ما نتخذ قرارات متأخرة من المفترض اتخاذها من قبل ولكن الأمل هو من جعلنا نصبر وهاهي نهاية أمل ..
ولا يسعني إلا أن أقول قبل انتحاري :
تمنيت أن تحضنني أمي بحنانها ولكن الدنيا هي من احتضنتني بأحزانها ...